احتفل مركز اللغة والثقافة العربية بـ جامعة القاهرة بالدكتور جابر عصفور والذى تحل ذكرى وفاته في 31 ديسمبر، وقد قدم خلال 77 عاما من حياته مسيرة حافلة من العطاء الأكاديمى والفكرى حتى أصبح نموذج للقدرة على الاضافة إلى الثقافة الوطنية وتعزيز الهوية وتقدم له الهيئة العامة للكتاب آخر كتبه والذى سلمه قبل وفاته مباشرة ويتاح في معرض الكتاب 2025..لذا يقدم هذا التقرير ملامح من حياة الدكتور جابر عصفور في ذكرى وفاته.
نشأة وتعليم جابر عصفور
ولد جابر عصفور في محافظة المنوفية بمصر، حيث تلقى تعليمه الأساسي في مدارسها قبل أن يلتحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، حيث درس اللغة العربية وآدابها. تخرج بتفوق، ثم حصل على درجة الماجستير عن رسالة بعنوان “الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب”.
كما قدم العديد من الدراسات الأدبية والنقدية التي أضافت إلى المكتبة العربية الكثير من الكتب والأبحاث. حصل على درجة الدكتوراه عام 1973 عن أطروحته التي تناولت “مفهوم الشعر عند العرب”.
الإسهامات الثقافية لجابر عصفور
كان للدكتور جابر عصفور دور بارز في الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي، عمل رئيسًا للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، حيث أطلق العديد من المبادرات الثقافية التي ساهمت في تعزيز الثقافة والفكر العربي. كما شارك في تأسيس العديد من المراكز الثقافية، وساهم في دعم الشباب الأدباء والكتاب.
التدرج الوظيفي لجابر عصفور
بدأ الدكتور جابر عصفور مسيرته المهنية كرجل أكادمى عندما شغل وظيفة معيد بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بـ جامعة القاهرة، وذلك اعتبارًا من 19 مارس 1966. في هذه الفترة، قام بإعداد العديد من المحاضرات والأنشطة الأكاديمية التي عززت من معارفه وقدراته التعليمية، وجاور كثيرين من كبار الأساتذة.
حتى تتم ترقيته في 29 نوفمبر 1969، إلى مدرس مساعد في نفس القسم بعد حصوله على درجة الماجستير..ثم ترقى إلى مدرس بالقسم اعتبارًا من 18 يوليو 1973 بعد حصوله على الدكتوراه، مما أتاح له الفرصة لمواصلة تطوير مهاراته الأكاديمية وتقديم إسهامات علمية هامة.
بين أغسطس 1977 وأغسطس 1978، شغل منصب أستاذ مساعد زائر للأدب العربي بجامعة ويسكونسن – ماديسون في الولايات المتحدة الأمريكية..كانت هذه الفترة فرصة له للتفاعل مع بيئة أكاديمية دولية وتبادل الخبرات مع أكاديميين من مختلف أنحاء العالم.
عند عودته إلى مصر، شغل منصب أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة اعتبارًا من 11 أكتوبر 1978..واستمر في تقديم محاضراته وبحوثه التي ساهمت في إثراء المكتبة العربية بشكل كبير.
في أبريل 1980، عمل أستاذًا زائرًا للنقد العربي بكلية الآداب بجامعة صنعاء، حيث قام بتدريس النقد العربي وتقديم العديد من الورش والمحاضرات التي ساهمت في تطوير هذا المجال.
بين سبتمبر 1981 ويونيو 1982، أصبح أستاذ زائر للنقد العربي بجامعة ستوكهولم في السويد، وهناك كان سفيرا للفكر المصرى وآليات الآداب العربية وثقافتها..حتى عاد إلى مصر في 11 أكتوبر 1983، حيث أصبح أستاذً للنقد الأدبي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة..ليشغل بعدها بأعوام منصب العميد المساعد بكلية الآداب بجامعة الكويت من 30 أبريل 1986 إلى 31 أغسطس 1988.
بعد عودته إلى مصر، استمر في شغل منصب أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب بجامعة القاهرة حتى 1 سبتمبر 1988. وفي 19 مارس 1990، تم تعيينه رئيسًا لقسم اللغة العربية بكلية الآداب، واستمر في هذا المنصب حتى فبراير 1993.
وفي فبراير إلى مايو 2001، عمل أستاذًا زائرًا للأدب العربي الحديث بجامعة هارفارد. كما كان عضوًا بلجنة الآداب والدراسات اللغوية بمكتبة الإسكندرية منذ تشكيلها في مارس 2003.
أهم المناصب التى تولاها جابر عصفور
تولى الدكتور جابر عصفور العديد من المناصب الهامة التي جعلت منه شخصية بارزة في الساحة الثقافية المصرية والعربية. أبرز هذه المناصب كان رئاسته للمجلس القومي للترجمة، وهو المنصب الذي أتاح له الإشراف على نقل الأعمال الأدبية والفكرية العالمية إلى اللغة العربية، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز الثقافة والمعرفة في العالم العربي.
خلال فترة أكثر من 14 عاما، شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، حيث لعب دورًا بارزًا في تطوير السياسات الثقافية في مصر..
شغل الدكتور جابر عصفور أيضًا منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية من 7 يوليو 1997 حتى 4 مارس 1998. كما كان عضوًا في المجلس القومي للمرأة ومقرر لجنة الثقافة والإعلام وعضو المكتب التنفيذي منذ تأسيسه وحتى اليوم.
بين 28 مارس 2007 و30 يناير 2011، شغل منصب مدير المركز القومي للترجمة، حيث ساهم بشكل كبير في إثراء المكتبة العربية بالعديد من الأعمال المترجمة من مختلف اللغات.
في 31 يناير 2011، تم تعيينه وزيرًا للثقافة في الحكومة المصرية، ليخلف الوزير السابق فاروق حسني. ومع ذلك، قرر الدكتور جابر عصفور الاستقالة من منصبه بعد عشرة أيام فقط من توليه، في 9 فبراير 2011، وذلك في خضم الأحداث السياسية التي كانت تشهدها مصر في تلك الفترة.
عاد الدكتور جابر عصفور إلى منصب وزير الثقافة للمرة الثانية في يونيو 2014، حيث استمر في شغل هذا المنصب حتى نهاية فبراير 2015. خلال فترة توليه لهذا المنصب، عمل على تعزيز الدور الثقافي لمصر على الساحة الدولية، ودعم المشاريع الثقافية الوطنية، بالإضافة إلى حرصه على توسيع نطاق الأنشطة الثقافية لتشمل مختلف مناطق البلاد.
أبرز الأعمال الأدبية والنقدية لجابر عصفور
من أبرز أعماله الأدبية والنقدية كتاب “زمن الرواية” الذي اعتبر دراسة معمقة لروايات عربية مهمة. كما كتب العديد من المقالات النقدية في الصحف والمجلات الأدبية، حيث تناول فيها قضايا أدبية وثقافية مهمة، كما تميز أسلوبه النقدي بالعمق والدقة، مما جعله مرجعًا للعديد من الباحثين والأدباء.
الجوائز والتكريمات التي حصل عليها جابر عصفور
حصل الدكتور جابر عصفور على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته الفكرية والثقافية. من أبرز هذه الجوائز جائزة الدولة التقديرية في الآداب، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. كما تم تكريمه في العديد من الملتقيات الثقافية والأدبية على مستوى الوطن العربي.
تأثير جابر عصفور على الساحة الثقافية في مصر
لا يمكن الحديث عن جابر عصفور دون الإشارة إلى تأثيره الكبير على الساحة الثقافية في مصر والعالم العربي. أثر بأسلوبه النقدي والفكري على جيل كامل من الأدباء والمثقفين، وساهمت أعماله في تشكيل وعي ثقافي جديد يعتمد على التفكير النقدي والتحليل العميق. ترك وراءه إرثًا ثقافيًا غنيًا سيظل مرجعًا للأجيال القادمة.
وفاة الدكتور جابر عصفور
توفي الدكتور جابر عصفور في 31 ديسمبر 2021، مخلفًا وراءه فراغًا كبيرًا في الساحة الثقافية والأدبية. ترك إرثًا لا يقدر بثمن، ستظل أعماله ونشاطاته الثقافية مصدر إلهام للعديد من الأدباء والمثقفين في العالم العربي.